كلنا يتمنى السعادة ويبحث عنها، وهذه السعادة قد يراها البعض في كثرة المال، أو في الجاه أو في السلطان، ولكن بلالا- رضي الله عنه- رآها في الإيمان بالله وهو يردد أَحَدٌ..أَحَدٌ، وهو ملقي على رمال مكة الملتهبة، في الصحراء الحارة وقت الظهيرة، وقد وضع المشركون حجرًا كبيرًا على صدره، يطارد أنفاسه، ويمنعها من الخروج، وهذه السعادة رآها (ابن تيمية) -رحمه الله- فقال: ماذا يصنع أعدائي بي؟ جنتي في صدري، لا يستطيعون أن ينزعوها مني، فإن نفوني فنفيي سياحة، وإن حبسوني فحبسي خلوة، وإن قتلوني فقتلي شهادة، في صدري كتاب الله وسنة رسوله.
فالإيمان له حلاوة لا يعرف طعمها إلا من ذاقها، والرسول ( يقول: (ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد ( رسولا) [مسلم].
الإيمان في الشرع فهو إقرار باللسان، وتصديق بالقلب، وعمل بالجوارح، وهذا الإيمان له خصائص يختص بها. وهي:
1- الإيمان شرط لقبول الأعمال:
يقول تعالى: {ومن يعمل من الصالحات من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فأولئك يدخلون الجنة ولا يظلمون نفيرًا } [النساء: 124]. ويقول أيضًا: {ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورًا }
[الإسراء: 19].
2- الإيمان لا يكون باللسان فقط:
يقول تعالى: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرًا } [النساء: 145].
وقال أيضًا عنهم: {إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون} [المنافقون: 1].
3- الإيمان يدفع إلى العمل الصالح ويزيد منه:
نزل قول الله -تعالى-: {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} [المائدة: 90]. وأمر الله -عز وجل- بالانتهاء عنها، وقال: {فهل أنتم منتهون} [المائدة:91].
4- الإيمان يمنع من المعصية ويقللها:
والمعصية لا تُذهب الإيمان ولا تضيعه، وإن كانت تؤثِّر فيه وتضعفه، والإيمان يقلل من المعصية ويمنعها، فهذا رجل من الأمم السابقة يخرج في سفر مع ثلاثة نفر من أصحابه، وعندما أظلهم الليل، أرادوا المبيت، فدخلوا إلى غار في جبل ليقضوا فيه ليلتهم، وفجأة انحدرت صخرة عظيمة فسدَّت عليهم باب الغار، فقالوا: لن ينجيكم من هذا الموقف العصيب إلا أن تدعوا الله-عز وجل- بصالح أعمالكم.